صدر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (٥٢٤)
المقدمة:
تعرب السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري في المملكة العربية السعودية عن التزام المملكة بالقضاء عليه، إذ نصت المادة (الثامنة والعشرون) من النظام الأساسي للحكم، الصادر بالأمر الملكي رقم (أ / ٩٠) وتاريخ ٢٧ / ٨ / ١٤١٢هـ، على أن «تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل». وفي إطار هذا الالتزام، صدرت أنظمة ولوائح تهدف إلى حماية الحقوق والقضاء على العمل الجبري وتجريمه، ومن ذلك:
- نظام العمل، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٥١) وتاريخ ٢٣ / ٨ / ١٤٢٦هـ، ولائحته التنفيذية، الصادرة بالقرار الوزاري رقم (٧٠٢٧٣) وتاريخ ١١ / ٤ / ١٤٤٠هـ، الذي حظر في المادة (العشرين) منه صاحب العمل أن يقوم بعمل ما من شأنه الضغط على حرية العامل لتحقيق أي مصلحة أو وجهة نظر يتبناها مما يتنافى مع حرية العمل، وأوجب عليه في المادة (الحادية والستين) الامتناع عن تشغيل العامل سخرة، أو احتجاز أجر العامل أو جزء منه دون سند قضائي، وأوجب عليه أن يعامل العامل بالاحترام اللائق.
- نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٤٠) وتاريخ ٢١ / ٧ / ١٤٣٠هـ، الذي يحظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال، والذي بني أن من أشكال الاتجار بالأشخاص إكراه شخص أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه.
- نظام حماية الطفل، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٤) وتاريخ ٣ / ٢ / ١٤٣٦هـ، الذي هدف إلى حماية الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال ومظاهرهما، وحظر ممارسات متعددة، منها تشغيل الطفل قبل بلوغه سن (الخامسة عشرة)، وتكليفه بأعمال قد تضر بسلامته أو بصحته البدنية أو النفسية، واستغلاله جنسيا أو ماديا أو استغلاله في الإجرام أو التسول.
- نظام مكافحة التسول، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٢٠) وتاريخ ٩ / ٢ / ١٤٤٣هـ، الذي تضمن حظر التسول بكافة صوره وأشكاله، ورتب عقوبات على امتهانه.
- نظام الحماية من الإيذاء، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٥٢) وتاريخ ١٥ / ١١ / ١٤٣٤هـ، الذي يحظر ويرتب العقوبات على كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية، أو النفسية، أو الجنسية، أو التهديد بها.
- نظام مكافحة جريمة التحرش، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٩٦) وتاريخ ١٦ / ٩ / ١٤٣٩هـ، الذي يهدف إلى مكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها، وتطبيق العقوبة على مرتكبيها، وحماية المجني عليه، ويشدد العقوبة إذا كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه أو إن وقعت الجريمة في مكان عمل.
- نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٣٩) وتاريخ ٨ / ٧ / ١٤٢٦هـ، الذي شدد العقوبة في حال استغل الجاني في ارتكاب جريمته أحدا ممن يتولى تربيتهم أو ممن له سلطة فعلية عليهم أو استخدم في ذلك قاصرا.
- لائحة عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (٣١٠) وتاريخ ٧ / ٩ / ١٤٣٤هـ، التي توجب الوفاء بحقوق العامل المنزلي وأجره، وتحظر تكليفه بأي عمل خطر يهدد صحته أو سلامة جسده، أو يمس كرامته الإنسانية.
وصادقت المملكة على اتفاقيات دولية تهدف إلى القضاء على العمل الجبري، ومن ذلك:
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (٢٩) بشأن العمل الجبري لعام ١٩٣٠م، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٥) وتاريخ ١٢ / ٣ / ١٣٩٨ه.
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (١٠٥) بشأن إلغاء العمل الجبري لعام ١٩٥٧م، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٥) وتاريخ ١٢ / ٣ / ١٣٩٨ه.
- بروتوكول عام ٢٠١٤م المكمل للاتفاقية رقم (٢٩) لعام ١٩٣٠م المتعلقة بالعمل الجبري، الموافق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ٧٣) وتاريخ ٢٦ / ٨ / ١٤٤٢هـ.
- بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، الموافق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ٥٦) وتاريخ ١١ / ٦ / ١٤٢٨هـ، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لعام ٢٠٠٠م، الموافق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ٢٠) وتاريخ ٢٤ / ٣ / ١٤٢٥هـ، الذي يهدف إلى منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء والأطفال.
- اتفاقية حقوق الطفل، المصادق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ٧) وتاريخ ١٦ / ٤ / ١٤١٦هـ، التي تؤكد على حقوق الطفل، ومنها حمايته من الاستغلال الجنسي والتجاري والأعمال الخطيرة والضارة، والبروتوكول الاختياري المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، المصادق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ٣٨) وتاريخ ١٨ / ٧ / ١٤٣١هـ، والبروتوكول الاختياري المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية، الموافق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ٣٩) وتاريخ ١٨ / ٧ / ١٤٣١هـ.
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (١٨٢) بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها لعام ١٩٩٩م، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ٣) وتاريخ ٢٢ / ١ / ١٤٢٢هـ، والتوصية الاسترشادية رقم (١٩٠) المكملة لأحكامها.
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (٩٥) بشأن حماية الأجور لعام ١٩٤٩م، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٠) وتاريخ ٨ / ١ / ١٤٤٢هـ.
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (١٣٨) بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام لعام ١٩٧٣م، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ٣٧) وتاريخ ١٨ / ٦ / ١٤٣٤هـ.
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ٢٨) وتاريخ ٢٢ / ٥ / ١٤٢٩هـ.
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي وافق عليه مجلس جامعة الدول العربية في تونس ٢٠٠٤م، الموافق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٩) وتاريخ ٢٧ / ٣ / ١٤٣٠هـ، وما نص عليه من حظر الاسترقاق والاستعباد والسخرة والاتجار بالأفراد من أجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في النزاعات المسلحة.
- الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (٣٨) وتاريخ ١٠ / ٦ / ١٤٣٣هـ، التي أكدت على تحريم أي تهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو استغلال حالة الضعف وذلك من أجل استخدام أو نقل أو إيواء أو استقبال أشخاص لغرض استغلالهم في سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد.
- مصطلحات السياسة:
يقصد بالمصطلحات الآتية -أينما وردت في هذه السياسة – المعاني المبينة أمامها:
السياسة: السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري في المملكة العربية السعودية.
الاتجار بالأشخاص: استخدام شخص، أو إلحاقه أو نقله أو إيواؤه أو استقباله، من أجل إساءة الاستغلال.
التهديد: الوعيد بنشر وزرع الخوف في النفس بالضغط على إرادة الإنسان وتخويفه من أن ضررا ما سيلحقه أو سيلحق أشخاصا أو أشياء ذات صلة به.
الضحية: الشخص الذي أخضع جبرا لأي صورة من صور العمل الجبري.
- نطاق سريان السياسة:
تنفذ السياسة للقضاء على العمل الجبري الذي يندرج ضمن مفهوم العمل الجبري الوارد في الاتفاقية رقم ٢٩ لعام ١٩٣٠م المتعلقة بالعمل الجبري، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٥) وتاريخ ١٢ / ٣ / ١٣٩٨ه.
- الهدف من السياسة، ومبادئها التوجيهية:
١ – الهدف من السياسة:
اتخاذ التدابير اللازمة من أجل القضاء على العمل الجبري، وتوفير الحماية والدعم للضحية، وتعزيز وسائل الوصول للقضاء والعدالة.
٢ – المبادئ التوجيهية:
- تعزيز ظروف العمل اللائق للجميع الذي يحترم حقوق الإنسان الأساسية، وحقوق وكرامة العاملين، في إطار مجموعة نظم ومعايير تحدد الأجور المجزية التي تضمن الحياة الكريمة، وتراعي السلامة الجسدية والعقلية للعاملين خلال تأدية أعمالهم.
- اتباع نهج حكومي متكامل يضمن التنسيق والتعاون والتكامل بين جميع الجهات المعنية للقضاء على العمل الجبري، والمواءمة بين السياسات والتدخلات الحكومية المستندة إلى الأدلة والإجراءات والآليات المتخذة لتنفيذ السياسة، التي يتم تعزيزها من خلال الموارد المخصصة للرصد والتقييم والبحث والتعاون في البيانات.
- ترسيخ الاستجابة المتمحورة حول الضحية، باعتبارها ركيزة أساسية لتطوير وتوفير خدمات الدعم والمساعدة والرعاية المصممة حول احتياجات الضحية، مع الأخذ في الحسبان عمرها وجنسها، وتخفيف الحواجز التي تحول دون وصولها إلى خدمات الحماية والرعاية.
- عدم التمييز الذي يعزز مبدأ المساواة واحترام حقوق الإنسان ومكافحة التمييز من توفير خدمات الدعم والرعاية والحماية للضحية بغض النظر عن عمرها وجنسها، وجنسيتها، ووضعها الاجتماعي.
- مفهوم العمل الجبري:
يعرف العمل الجبري -وفقا لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (٢٩) بشأن العمل الجبري لعام ١٩٣٠م- بأنه «كل أعمال أو خدمات تغتصب من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره…»، ويتمثل عنصر التهديد أو الإكراه في ممارسة أي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة من خلال وسيط بالترهيب أو التخويف أو الجبر للقيام بعمل ما.
وفي ضوء الأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة، يدخل ضمن مفهوم العمل الجبري استغلال الأشخاص بإجبارهم على السخرة، أو العمل أو الخدمة قسرا، أو التسول القسري.
- محاور السياسة وأهدافها:
تتكون السياسة من أربعة محاور:
أولا
القضاء على العمل الجبري من خلال اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية والحماية منه
تسعى المملكة إلى اتخاذ تدابير فعالة لحظر العمل الجبري ولحماية حقوق الإنسان في إطار أغراض السياسة، دون أن يكون هناك تمييز لضحايا العمل الجبري، حيث تستهدف تلك التدابير الحد من تعرض الأشخاص للعمل الجبري، لا سيما الفئات الأكثر عرضة لوقوعها ضحايا له. ويندرج ضمن هذا المحور الأهداف الآتية:
١- إنفاذ التزامات المملكة الواردة في الاتفاقيات الدولية المتصلة بالقضاء على العمل الجبري.
٢- تعزيز منظومة التشريعات من خلال إصدارها أو تعديلها للقضاء على العمل الجبري.
٣- رفع مستوى الوعي بمخاطر العمل الجبري على مستوى المجتمع.
٤- بناء القدرات على المستوى المؤسسي والفردي.
٥- تعزيز أساليب التفتيش والرقابة على جميع القطاعات المشمولة بتعريف العمل الجبري الوارد في الاتفاقية رقم (٢٩) لعام ١٩٣٠م المتعلقة بالعمل الجبري، الموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٥) وتاريخ ١٢ / ٣ / ١٣٩٨ه.
٦- تعزيز منظومة الاستقدام والتوظيف، وترسيخ أسس التوظيف العادل.
ثانيا
توفير الحماية والرعاية والدعم لضحايا العمل الجبري
تسعى المملكة إلى اتخاذ تدابير فعالة لتوفير الحماية والرعاية والدعم لضحايا العمل الجبري، تشمل الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية، دون أن يكون هناك تمييز لضحايا العمل الجبري، مما يمكن أولئك من التعافي من الآثار المادية والنفسية المترتبة على خضوعهم لصور ولممارسات العمل الجبري والحد من معاودة إيذائهم، وتشجيعهم على التعاون مع الجهات المختصة والمشاركة في اتخاذ إجراءات قانونية ضد مستغليهم. ويندرج ضمن هذا المحور الأهداف الآتية:
١- تعزيز الجهود الرامية إلى التعرف على الضحايا بدقة، وتوفير المساعدة الفورية لهم.
٢- توفير الإيواء الآمن وخدمات الرعاية والدعم بحسب احتياجات الضحية دون تمييز ومراعاة جنسها.
٣- دعم وتسهيل إعادة تأهيل الضحايا واندماجهم، ورفع الآثار السلبية المترتبة على العمل الجبري.
ثالثا
تعزيز وسائل الوصول إلى القضاء والعدالة
تؤكد المملكة على تعزيز فعالية إنفاذ الأنظمة ومنظومة المقاضاة وتشديد العقوبات وحماية حقوق الضحايا ووصولهم إلى سبل العدالة والانتصاف، وتوقيع العقوبات على المخالفين للأحكام النظامية المتصلة بحظر العمل الجبري. ويندرج ضمن هذا المحور الأهداف الآتية:
١- تمكين وصول الضحايا والمتضررين من ممارسات العمل الجبري إلى العدالة وسبل الانتصاف والتعويض.
٢- تعزيز فعالية إنفاذ القوانين وضمان منظومة صارمة للجزاء الجنائي والتحقيقات التي تعتمد على الأدلة لمقاضاة الجناة ومبدأ عدم تجريم الضحايا.
٣- تحسين أطر التعاون في عمليات التحقيق بين الجهات داخل المملكة وعلى الصعيد الإقليمي والدولي.
٤- فرض وتشديد العقوبات الجزائية والمخالفات الرادعة على مرتكبي جرائم وانتهاكات العمل الجبري.
رابعا
بناء الشراكات وتعزيز التعاون
تسعى المملكة إلى بناء شراكات وتعزيز التعاون على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بحيث يعزز ويدعم مشاركة المجتمع المدني والتعاون بين القطاعات الحكومية ومشاركة القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، والذي أرسته رؤية المملكة لعام ٢٠٣٠م، من خلال برنامج التحول الوطني بصفته ركيزة أساسية في دعم تضافر الجهود بين عدد من الجهات -كل بحسب اختصاصه- للقضاء على العمل الجبري في المملكة، وذلك من خلال التكامل في وضع الخطط الوقائية والاحترازية وتنفيذ المبادرات الناتجة عن السياسة. ويندرج ضمن هذا المحور الأهداف الآتية:
١- بناء الشراكات والتعاون على جميع المستويات داخل المملكة.
٢- تعزيز بناء الشراكات والتعاون الدولي من حيث تبادل المعارف والخبرات والمعلومات.
٣- تعزيز التعاون ودعم دور المجتمع المدني والقطاع غير الربحي للمساهمة الفاعلة في جهود القضاء على العمل الجبري.
– الجهة المسؤولة عن متابعة تنفيذ السياسة:
تكون وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هي الجهة المسؤولة عن تنفيذ السياسة، من خلال الخطط التنفيذية ذات العلاقة مع الجهات الحكومية -كل بحسب اختصاصه- لتتضمن الأنشطة المتصلة بتحقيق أهداف السياسة، وذلك بما يتناسب مع الأنظمة واللوائح والإجراءات القائمة.
نشر في عدد جريدة أم القرى رقم (٥٠٦٧) الصادر في ٣١ من يناير ٢٠٢٥م.