صدر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (٣٢٨)
مقدمة:
حيث إن تعزيز السلامة والصحة المهنية، بما يتوافق مع المعايير والأنظمة المحلية، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفا فيها، ومع أفضل الممارسات العالمية، يعد ضرورة حيوية لمواكبة النهضة التنموية والتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده المملكة، ويعزز ذهنيا صورة إيجابية عن المملكة إقليميا ودوليا.
وانطلاقا من أهداف برنامج التحول الوطني ومواكبة رؤية المملكة (٢٠٣٠)، تم إعداد السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، وذلك بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، والجهات الحكومية ذات العلاقة، وبالتشاور مع ممثلي أصحاب العمل، وممثلي العمال؛ لتحقيق الرؤية الوطنية في مجال السلامة والصحة المهنية، والتي تستند إلى حق العامل في الحماية من أي خطر يشكل تهديدا لسلامته أو صحته، حيث يعد ذلك من الأولويات الرئيسية التي تسعى حكومة المملكة إلى تحقيقها.
مع الإشارة إلى أن مبدأ الوقاية المرتبط مباشرة بحماية الصحة البدنية والعقلية والاجتماعية للعامل، وحفظها وتعزيزها، يعتبر مبدأ أساسيا ومرجعيا لوضع معايير حماية بيئة العمل واعتمادها وتطبيقها، مع ضمان أن يوفر الالتزام بهذه المعايير أقصى درجة ممكنة من تعزيز الحالة الصحية والاجتماعية لأفراد المجتمع، وحماية عناصر البيئة العامة ذات الصلة ببيئة العمل، والمساهمة في دعم نجاح برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وذلك سعيا لتحقيق بيئة عمل آمنة وصحية ومستدامة من خلال تنفيذ البرامج والمبادرات الوطنية وفق حوكمة فعالة تسهم في الحد من مخاطر العمل، وبناء سلوك وقائي للعنصر البشري يحميه من تلك الأخطار.
وتهدف السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية إلى تعزيز وتطوير منظومة السلامة والصحة المهنية، وتعزيز حماية العاملين في مختلف أماكن العمل على المستوى الوطني، بما يتوافق مع الأنظمة المحلية، والتزامات المملكة بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأفضل الممارسات العالمية التي تتناسب مع سوق العمل السعودي، حيث تشتمل السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية على الركائز الأساسية التالية:
أولا: مبادئ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية.
ثانيا: الهدف العام والأهداف التفصيلية للسياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية.
ثالثا: الالتزام بتعزيز وتطوير السلامة والصحة المهنية.
رابعا: تنظيم السلامة والصحة المهنية، ومراقبة مؤشرات الأداء المتعلقة بها.
خامسا: تطوير الشراكات على المستويات الإقليمية والدولية في مجال السلامة والصحة المهنية.
أولا
مبادئ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية
تقوم السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية على المبادئ الآتية:
١- شمول السياسة لمواقع وقطاعات العمل المختلفة، مع تغطيتها لجميع العاملين دون تمييز.
٢- حماية حق العاملين في بيئة عمل صحية وآمنة
٣- تطبيق مبدأ الوقاية المرتبط مباشرة بحماية الصحة البدنية والعقلية والاجتماعية للعاملين وحفظها وتعزيزها.
٤- تعزيز الالتزام بمتطلبات السلامة والصحة المهنية، من خلال نشر ثقافة وطنية وقائية تتضمن برامج للتوعية وتقديم الاستشارات والتدريب والأبحاث.
٥- تحديد مخاطر بيئة العمل وتقويمها وإدارتها ومعالجتها جذريا، من خلال التحكم بها ومكافحة مصادرها.
ثانيا
الهدف العام والأهداف التفصيلية للسياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية
تهدف المملكة إلى تعزيز سلامة وصحة العاملين في مكان العمل وذلك بتنسيق الجهود التكاملية من خلال إطلاق سياسة وطنية للسلامة والصحة المهنية قابلة للقياس والتنفيذ والتحسين المستمر بمشاركة الأطراف الثلاثة، وهم: (الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية، وممثلون لأصحاب العمل، وممثلون للعاملين)، وذلك لتقييم الأخطار ومنعها من مصادرها للحد من الإصابات والأمراض المهنية، وبناء ثقافة وطنية للسلامة والصحة المهنية تقوم على المعلومات والمشورة والتدريب، بالإضافة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية التي تسهم في تعزيز السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني، وهي:
١- تطوير التشريعات والأنظمة واللوائح والبرامج وأي أدوات تنظيمية أخرى متعلقة بالسلامة والصحة المهنية.
٢- إنشاء هيكل حوكمة محدد وواضح للسلامة والصحة المهنية، وتطوير آليات لمراقبة الالتزام بالتشريعات والأنظمة بشكل فعال.
٣- تحديد أدوار ومسؤوليات الجهات الحكومية ذات العلاقة ببرامج السلامة والصحة المهنية بشكل واضح وشفاف، وتفادي الازدواجية وتضارب الجهود.
٤- إيجاد آليات للتعاون بين أصحاب العمل والعاملين من خلال ممثليهم لتعزيز السلامة والصحة المهنية.
٥- توفير نظام معلومات شامل لإحصائيات السلامة والصحة المهنية.
٦- متابعة أثر أنشطة السلامة والصحة المهنية على بيئة عمل المنشآت على المستوى الوطني ومدى استدامتها، من خلال التفتيش والتقويم وقياس نسبة الامتثال.
٧- تنفيذ البرامج والمبادرات الوطنية بالتنسيق بين الجهات الحكومية ذات العلاقة للمساهمة في الحد من مخاطر العمل.
٨- تنمية العنصر البشري من خلال التدريب والتأهيل، مما يعزز من حماية العاملين واستقرار الأيدي العاملة.
٩- دعم البحوث والدراسات الاستقصائية ذات الصلة بمجال السلامة والصحة المهنية.
ثالثا
الالتزام بتعزيز وتطوير السلامة والصحة المهنية
حيث تلتزم المملكة من خلال وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بتعزيز حماية العاملين من مخاطر العمل الصحية والمهنية، وتلتزم أيضا ببذل كل الجهود لضمان سلامة بيئة العمل وتعزيز جاذبيتها، بما يتوافق مع أفضل الممارسات الإقليمية والدولية.
ستعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية على تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح؛ من أجل تكامل الجهود وتحقيق كفاية الأداء للمواد البشرية والفنية والمالية، وستعمل الوزارة أيضا على تحديد أدوار ومسؤوليات أصحاب العمل والعاملين والموردين والمصنعين للآلات والمعدات المشمولين بأنظمة وتشريعات السلامة والصحة المهنية بالتشاور مع الأطراف الثلاثة (الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية، ممثلي أصحاب العمل ، وممثلي العاملين)، واتخاذ ما يلزم لضمان تنفيذها والعمل بها.
وستعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية كذلك على إجراء التحسينات المستمرة على إجراءات ولوائح السلامة والصحة المهنية للوقاية، والحد من حوادث العمل والإصابات والأمراض المهنية والوفيات أثناء العمل، وذلك من خلال مراجعة السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتطويرها، واعتبارها من أولوياتها، وذلك بالتشاور والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بالإضافة إلى العمل على إعداد المقترحات التي من شأنها تحسين التشريعات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، وكذلك إعداد برامج تدريبية لبناء وتطوير قدرات أصحاب العمل والعمال بشكل مستمر في مجال السلامة والصحة المهنية؛ للمساهمة في رفع ثقافة العاملين بإجراءات ومتطلبات السلامة والصحة المهنية وتعزيز حمايتهم داخل مكان العمل من الأمراض والأخطار المهنية، بالإضافة إلى تطوير برامج تدريبية لتأهيل الكوادر البشرية من المعنيين بتطبيق إجراءات السلامة في مكان العمل.
رابعا
تنظيم السلامة والصحة المهنية، ومراقبة مؤشرات الأداء المتعلقة بها
ستعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية –بالتشاور مع الشركاء والجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية– على مراقبة ومتابعة وتقويم الأداء للسلامة والصحة المهنية، وذلك من خلال تطوير النهج الاستراتيجي للسلامة والصحة المهنية بما يتوافق مع معايير العمل المعتمدة، مع اتباع النهج الوقائي لهذا الغرض، والذي سيتم من خلاله تقديم المعلومات والإرشادات والمشورة لأصحاب العمل والعاملين حول أفضل الطرق للالتزام بالأنظمة والتشريعات، مع فرض العقوبات النظامية على مرتكبي المخالفات ذات الصلة بالسلامة والصحة المهنية.
وستعمل الوزارة على تطبيق حوكمة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني، وتحديد وتنسيق الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومتابعة تنفيذ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، من خلال إنشاء مجلس وطني للسلامة والصحة المهنية يرتبط تنظيميا بوزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويكون في عضويته ممثلون من الجهات ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية، وأن يتمتع المجلس بالصلاحيات التي تمكنه من القيام بدوره بكفاية عالية، ومن ذلك:
١- مراجعة التشريعات والأنظمة واللوائح والبرامج وأي أدوات تنظيمية أخرى متعلقة بالسلامة والصحة المهنية، واقتراح التعديلات اللازمة في شأنها وفق الإجراءات النظامية.
٢- إنشاء نظام مراقبة وتقييم فعال وشامل للسلامة والصحة المهنية.
٣- تطوير برنامج وطني شامل للتبليغ عن حوادث وإصابات العمل والأمراض المرتبطة بالمهن وتوثيق البلاغات.
٤- تقديم الاستشارات والدعم الفني فيما يتعلق بمجال السلامة والصحة المهنية.
٥- تطوير واعتماد هيكل حوكمة محدد وواضح للسلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني؛ لضمان وجود نظام فعال ومرن في تطبيق أحكام السلامة والصحة المهنية في مكان العمل.
٦- تنسيق الأدوار والمسؤوليات بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية؛ لتفادي ازدواجية الجهود.
٧- اعتماد البرامج والمبادرات الوطنية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
٨- تعزيز التعاون بين أصحاب العمل والعاملين وممثليهم، لتعزيز السلامة والصحة المهنية.
٩- تقويم ومتابعة أثر واستدامة أنشطة السلامة والصحة المهنية على بيئة العمل.
خامسا
تطوير الشراكات على المستويات الإقليمية والدولية في مجال السلامة والصحة المهنية
انطلاقا من عضوية المملكة في منظمات إقليمية وعربية ودولية ذات صلة بالسلامة والصحة المهنية، ومن أهم تلك المنظمات: منظمة العمل الدولية، ومنظمة العمل العربية، ومنظمة الصحة العالمية. وحيث أن المملكة ملتزمة بتطبيق الاتفاقيات والقرارات واللوائح الصادرة عن تلك المنظمات والمجالس والمصادق عليها من قبلها. ستعمل المملكة على مايأتي:
١- الدعوة إلى عقد مؤتمرات وطنية وإقليمية في مجال السلامة والصحة المهنية في المملكة العربية السعودية.
٢- العمل على دعم التعاون بين الأطراف الإقليمية والدولية في مجال السلامة والصحة المهنية.
٣- التوأمة مع المؤسسات المعنية بالسلامة والصحة المهنية الرائدة إقليميا ودوليا.
٤- تبادل التجارب والخبرات في مجال السلامة والصحة المهنية، مع الأطراف الإقليمية والدولية ذات الصلة.
خاتمة:
إن المملكة العربية السعودية عازمة على المضي قدما في تطوير مجال السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني وفق رؤية المملكة (٢٠٣٠م)، وتؤكد على تخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك. والعمل على طرح مشاريع استراتيجية في هذا السياق تسهم بشكل رئيس في تحقيق المتطلبات الأساسية في مجال السلامة والصحة المهنية، وتعزز من حماية العاملين من مخاطر الأمراض والإصابات المهنية.
نشر في عدد جريدة أم القرى رقم (٤٨٦٩) الصادر في ٥ من فبراير ٢٠٢١م.